رسّخ مهرجان الجزائر الدولي للفيلم خلال إحدى عشرة طبعة، مكانته في خارطة المهرجانات الجزائرية وفي الساحة الثقافية، ويصبح حدثا يلقى اهتمام الجمهور، والسينمائيين، والمثقفين أيضا، هذا ما برز بوضوح في أجواء افتتاح الدورة الثانية عشرة التي أقيمت بالمسرح الوطني الجزائري « محي الدين باشطارزي »، أمس الخميس، حيث بدا المهرجان وكأنه يستعيد نبضه من جديد بعد سنوات من الغياب، فالعودة لم تكن مجرد افتتاح، بل كانت استعادة لروح المهرجان الذي استطاع أن يؤسس مكانته بفضل اختياراته الفنية والجمالية والإنسانية.
شهدت السجادة الحمراء حضورا متنوعا من ضيوف المهرجان، من مخرجين وممثلين وسينمائيين ومهنيي القطاع، جزائريين وأجانب، جاءوا ليشهدوا ميلاد هذه الدورة الجديدة، ورغم طابعه الدولي، حافظ المهرجان على قربه من الجمهور، مقدما تجربة تجمع بين الاحترافية والدفء الإنساني، كما لاقت هذه اللحظات متابعة واسعة من الإعلام الوطني والدولي الذي سجل كل مرور، وكل حركة على السجادة الحمراء.
في هذا الصدد، يرى مستشار رئيس الجمهورية المكلّف بالسينما فيصل ميطاوي، أن المهرجان يتجه نحو نجاح لافت، مستندا إلى عودته القوية هذا العام، سواء من خلال الأسماء المكرمة، أو الخيارات الفنية الواضحة في برمجته، من أفلام ولجان تحكيم وضيوف ودروس السينما، واعتبر أن اختيار فيلم الافتتاح « غطّاسو الصحراء » الذي أعاد إلى الذاكرة اسم طاهر حناش، أحد صناع أمجاد السينما الجزائرية، يحمل دلالة رمزية مهمة، كما ثمّن إقامة حفل الافتتاح في مبنى له مكانة تاريخية مثل المسرح الوطني الجزائري، مؤكدا أن عودة المهرجان إلى قلب العاصمة خطوة تعزز حضوره أكثر، وأشاد أيضا باختيار كوبا ضيف شرف، لما يجمعها مع الجزائر من قيم مشتركة في دعم قضايا التحرر والدفاع عن الشعوب المضطهدة.
بدوره، أشاد الفنان حكيم دكار بمواصلة مهرجان الجزائر الدولي للفيلم، إبراز قضايا الشعوب والدفاع عن قيم التحرر، وهي المواقف التي عُرفت بها الجزائر ولا تزال تحملها، واعتبر أن المهرجان يشكّل فرصة ثمينة للاطلاع على تجارب الآخرين والاحتكاك بصناع الأفلام، مضيفا « أتمنى للمهرجان نجاحا يليق بتاريخه وبالعمل الكبير الذي بُذل ليستمر، وأنا على يقين بأن فريقه قادر بخبرته على دفعه إلى مزيد من التطور، وأن عودته هذه ستكون أكثر قوة وتوافقا مع تطلعات السينمائيين ».
من جهته، قال المنتج والمخرج الطيب توهامي أنّ عودة مهرجان الجزائر الدولي للسينما تشكّل إنجازا لافتا للجزائر، وللعاصمة تحديدا التي تحتاج إلى موعد سينمائي وازن، وأضاف « كلّ التفاصيل التي تحيط بالمهرجان هذه السنة تُنذر بدورة واعدة تحمل ملامح طبعة مميزة، وحضور الوجوه السينمائية على السجادة الحمراء أضفى أجواء حماسية مفعمة بالتطلّع ».
ويرى الإعلامي والناقد السينمائي جمال الدين حازورلي أن استمرار مهرجان الجزائر الدولي للفيلم واتّساعه نحو أعمال وقضايا تُنجز بعناية وجدية يمنحانه طابعا دوليا متينا، فالسينما بوصفها الفن الأكثر شعبية وقربا من الجمهور، تحتاج إلى فضاءات كهذه لترسخ حضورها، ويعتبر حازورلي أنّ المهرجان حقّق خطوة مهمة إلى الأمام، وأنّ الجزائر جديرة بمثل هذا الموعد السينمائي، فهي التي وفّرت لسنوات فضاء رحبا لصناعة أفلام محلية وعالمية، ووهبت الكثير منها خلفيتها البصرية وروحها التي لا تُخطئ.



